نوع جديد من العلوم الفنية فيراري 458

  • تاريخ النشر: الإثنين، 03 يونيو 2013 | آخر تحديث: الثلاثاء، 08 فبراير 2022
مقالات ذات صلة
فيراري 458 سبيشيالي
صور سيارة جاستن بيبر من نوع فيراري 458 إيطاليا للبيع
الكشف عن فيراري 458 سبيشيالي

يعتقد حسان بشور أن قرار فيراري بإضافة إسم بلادها الى تسمية سيارتها 458 لم يكن عبثياً، فهذه السيارة لا تكتفي بتفوقها المطلق، إذ تبدو وكأنها تطبيق ما لنوع جديد من... العلوم الفنية

 

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

على الرغم من أن فيراري أطلقت سيارتها 458 إيطاليا منذ فترة وعلى الرغم من أنني قدت أعداداً كبيرة من السيارات السوبر رياضية، إلا أن قيادتي لـ 458 إيطاليا لم تحصل فعلياً إلا من خلال سيارة أحد الأصدقاء ولوقت قليل لم أتمكن خلاله من تقييمها فعلياً لأن عملية القيادة بكاملها تمت في المدينة وعلى طرقات محددة السرعة. وما أن علمت بأن فيراري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تخطط لإقامة حدث خاص بـ 458 إيطاليا في العاصمة الإماراتية وتحديداً على حلبة ياس حتى سارعت للمشاركة، خصوصاً أنني أعلم أن 458 تفوقت على كافة سيارات فئتها ـ بإستثناء بوغاتي فايرون التي تحلق في سرب خاص بها ـ وذلك من خلال رفعها لسقف التأدية الى مستويات غير مسبوقة وعبر محرك يعتمد تقنية السحب العادي ويبتعد كل البعد عن أنظمة التلقيم الإضافية.

ولمن لا يملك معلومات حول 458 إيطاليا، أقول أنها مزودة بمحرك V8 سعة 4,5 ليتر يأخذ لنفسه وضعية وسطية ـ خلفية وراء مقصورة الركاب المخصصة لشخصين والتي تختفي خلف هيكل قامت دار بينينفارينا بتصميمه مركزةً بشكل كبير على آخر ما توصلت اليه علوم الإنسيابية المتقدمة. وتؤكد التفاصيل التصميمية، سواء كانت خارجية أو مخفية خلف الهيكل الخارجي، على أن بينينفارينا إنطلق عند رسمه لخطوط هذه السيارة من طراز FXX المخصص للحلبات ليخرج بتصميم يمكن معه التحكم بمجرى الهواء حول السيارة وتحتها وفوقها وبالتالي خلق قوى دفع سفلية أمامية وخلفية تساهم في رفع مستويات الثبات ومن دون التضحية بأي من عناصر الجمال والحضور. ويعتمد هيكل 458 إيطاليا بقوة على الألومنيوم المعالج الذي يتميز بوزنه الخفيف وصلابته العالية ولدرجة أن سماكة القشرة الخارجية للغطاء الأمامي والسقف والأبواب لا تزيد عن ميليمتر واحد. ومن جهة أخرى، تقف 458 إيطاليا على قاعدة تمت صناعتها أيضاً من الألومنيوم المعالج تتميز بصلابتها الإلتوائية التي إرتفعت بمعدل 20 بالمئة مقارنة بـ F430.

ولكن دعونا هنا من ما تتميز به هذه السيارة من تقنيات متفوقة ستؤدي بالمنافسة الى إعادة حساباتها ولنركز أكثر على تجربة 458 إيطاليا التي ما أن إقتربت منها وفتحت باب مقصورتها الأيسر حتى طالعتني مقصورة لم أتمكن إلا من التوقف عندها. فهي لا تكتف بتركيزها على عوامل الترف التي تبدو جلية من خلال المواد الفاخرة المعتمدة، بل تشدد أيضاً على الجمال التصميمي. فلوحة القيادة مثلاً تعتمد على تصميم معاصر وفريد يبرز فيه تجويف عدادات يقوم على عداد وسطي مرتفع خصص لدوران المحرك مع مؤشر رقمي لنسبة علبة التروس المعتمدة. والى جانبي هذا العداد، وضع مصممو فيراري شاشتي TFT تتميزان بإرتفاعهما الذي يقل عنه لإرتفاع العداد الوسطي. ويمكن التحكم بما توفره هاتان الشاشتان من معلومات تشمل إرشادات جهاز الملاحة، السرعة، درجة حرارة المحرك، مؤشرات الضغط، توقيت اللفات، درجة حرارة الإطارات، درجة حرارة المكابح وغيرها. وهنا، قررت فيراري أن تخرج عن المألوف. فـ ألغت وجود العتلات التي يتم تثبيتها عادة أمام المقود والتي تستخدم لتشغيل إشارات الإلتفاف وماسحات الزجاج والمصابيح الأمامية و... معتمدةً بدلاً منها على مفاتيح جرى تثبيتها في المقود. وعلى الرغم من أن التأقلم مع هذه المفاتيح يتطلب بعض الوقت، إلا أنه آمن ذلك أن فيراري زودت سيارتها هذه بمقود ذو نسبة عمل قصيرة ولينخفض بذلك عدد لفات المقود الى لفتين، مما يعني أنه يمكن للمرء أن يستعمل هذه المفاتيح خلال 90 بالمئة من حالات القيادة من دون الحاجة الى رفع أي من يديه الإثنتين عن المقود.

الآن، حان موعد الضغط على المفتاح الأحمر المخصص لتشغيل المحرك الذي تشعر أن هديره عندما تكون السيارة متوقفة، رياضي ولكن خجول. وهنا، يكفي أن تنطلق لتكتشف أن هناك نظام صمامات في العادم يتم تفعيله أوتوماتيكياً عند إرتفاع دوران المحرك وليتحول ما تسمعه من خلف المقود ـ ومن الخارج أيضاً ـ الى سمفونية عذبة تصدر عن فرقة موسيقية تقودها 8 أسطوانات بسعة 4,5 ليتر ويساعدها في ذلك قدرات تسارعية ستسلب منك أنفاسك. ويمكن لهذه الفرقة الموسيقية أن تمتعك بأحصنتها الـ 570 التي يتم إستخراجها عند 9000 دورة في الدقيقة والتي تم تعزيزها بكورس قوامه 540 نيوتن متر من عزم الدوران الذي تتوفر حدوده القصوى عند 6000 دورة في الدقيقة. وهنا، لن تكتفي 458 إيطاليا بممارسة شعوذتها عليك من خلال قدرتها على التسارع الى 100 كلم/س إنطلاقاً من الصفر في 3,4 ثانية والى 200 كلم/س في 10,4 ثانية وحسب، بل ستفاجئك بسرعة علبة تروسها العالية في تبديل النسب ونعومتها التي لن تتوقعها في سيارة من هذا المعيار وذلك عند إعتماد برنامج القيادة القياسي (سبورت). أما عند الإنتقال الى أي من البرامج الأخرى والتي تشمل برامج القيادة على طرقات زلقة، برنامج Sport الرياضي، برنامج  Race السباقي، برنامج CT Off الذي يسمح للسيارة بالإنزلاقات الخلفية لغاية وصولها الى الحد الأقصى قبل أن يتدخل  جهاز التحكم بالتماسك وبرنامج CST Off الذي يوقف عمل كل ما يمكنه أن يساعد في السيطرة على السيارة، فستشعر أن تبديل النسب أصبح أسرع بكثير ولكنك حينها ستشعر بركلة خفيفة في عمودك الفقري عند التبديل صعوداً.

أما المفاجأة الثانية، فتتمثل بمقود هذه السيارة الذي يوفر شعوراً عالياً بالطريق ويتمتع في الوقت نفسه بدقة توجيهية لم أشعر بها في أي سيارة أخرى. وهنا لا يمكن إغفال فعالية هذا المقود الذي يتسم بقدرته المتفوقة على التجاوب مع حركة يديك. ويعود الفضل في ذلك الى مهندسي فيراري اللذين قاموا بتطوير التعليق الخلفي بحيث أصبح من السهل التحكم بدرجة ميلان المحورين الوهميين اللذين يقطعان الإطارين الخلفيين عمودياً (Camber angle) وبحركة مركز العجلات ولتزداد بالتالي الصلابة الإلتوائية التي إنعكست بالإيجاب على شكل مقود لن يتطلب منك أكثر من توجيهه بطريقة صحيحة لوضع مقدمة السيارة في المكان الصحيح ولتصبح حينها عملية الخروج من المنعطفات سهلة وسلسة حتى ولو كانت سرعتك عالية.

ولأن التجربة كانت على حلبة ياس الإماراتية، كان لا بد من الإنتقال الى ساحة قام مهندسو فيراري بإعتمادها لإنشاء حلبة صغيرة ضمت عدداً من المنعطفات المنوعة بين الطويلة والسريعة وصولاً الى تلك الضيقة التي تأخذ لنفسها زاوية تصل الى 180 درجة. وعلى هذه الحلبة المليئة بغبار رمال الصحراء التي حولت المسار الى زلق جداً، قمت بإجراء عدة لفات إعتمدت لنصفها على برنامج Race ولأتفاجأ بمستويات الثبات العالية التي تتحلى بها 458 وبالأخص في المنعطفات الضيقة جداً والتي يعود السبب فيها من ناحية الى التعليق الذي يعتمد على مبدأ الشعب المزدوجة في الأمام والوصلات المتعددة في الخلف والذي طورته فيراري خصيصاً لهذه الغاية. أما السبب الآخر والمهم، فيتمثل بأنظمة المساعدة الإلكترونية التي تشمل جهاز التحكم بالتماسك والترس التفاضلي الإلكتروني (بجيله الثالث) وماصات الصدمات الإلكترونية وجهاز ABS لمنع غلق المكابح ونظم التحكم بعمل المحرك وعلبة التروس والتي تعمل جميعها من خلال وحدة تحكم أحادية تنسق بين عملها، الأمر الذي يمكنها من تأمين تواصل وتنسيق سريعين جداً بين أجهزة المساعدة الإلكترونية.

أما عند التحول الى برنامج CST Off الذي تتوقف معه كل الأجهزة المساعدة عن العمل، فقد كنت متأكداً أنني لن أتمكن من السيطرة على 458 بسهولة، خصوصاً أنه كان يتوجب عليّ أن أكون سريعاً ذلك أن سائقي فيراري اللذين رافقونا، كانوا يحتسبون التوقيت. ومع إنطلاقي من دون أي مساعدة إلكترونية، جعلتني 458 أشعر بثقة عالية. فمعايير تعليقها وهندسة بناءها المتطورة ومركزي ثقلها وجاذبيتها المنخفضين تجتمع تحت تأثير السرعة لتوفر تماسكاً مفاجأً جداً. وهنا، شعرت أن الإنزلاقات التي كان القسم الخلفي يتعرض لها سلسة وتدريجية وليست مفاجئة وهذا ما يرفع من متعة التعامل معها. وتزداد هذه المتعة بسبب المحرك القادر على توفير مستويات تصاعدية من عزم الدوران وهذا ما يمكنك من إبقاء علبة التروس على نسبة محددة ورفع دوران المحرك نحو القمة (9000 دورة في الدقيقة) وتحقيق سرعات عالية يرافقها هدير عوادم رائع ومتعة إنزلاق إستثنائية. وهنا لن يتوجب على المرء أن يقلق من تزايد السرعة ذلك أن مكابح 458 متفوقة وتوفر توقفات آمنة وسريعة جداً.

وبنهاية هذه التجربة التي تمنيت لو إستمرت لأيام وأيام وأيام، يمكنني القول أن 458 إيطاليا تجمع أهم الحلول والإبتكارات التي إكتسبتها فيراري من عالم الفورمولا واحد في سيارة مخصصة للقيادة اليومية على الطريق. وهنا أعتقد أن 458 إيطاليا تشكل خطوة عملاقة للسيارات السوبر رياضية عموماً ولـ فيراري على وجه التحديد. فهي سيارة سريعة لدرجة أدت بي الى التساؤل عن السرعات التي ستصل اليها السيارات السوبر رياضية وعن ما إذا كانت هذه السيارات ستتطلب في المستقبل «القريب» رخصة قيادة خاصة! 

“«تؤكد التفاصيل التصميمية الخارجية والخفية على أن دار بينينفارينا للتصميم إنطلقت عند رسمها لخطوط هذه السيارة من طراز FXX المخصص للحلبات ”

“عند التحول الى برنامج CST OFF الذي تتوقف معه كل الأجهزة المساعدة، كنت متأكداً أنني لن أتمكن من السيطرة على 458 بسهولة ولكنني كنت على خطأ”

“ يمكن لـ 458 إيطاليا أن تصل الى سرعة 200 كلم/س في 10,4 ثانية، أي قبل أن تتمكن سيارة من عيار... تويوتا ياريس من الوصول الى 80 كلم/س ”