السيارة الذكية ماكلارين MP4-12C

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 02 يوليو 2013 آخر تحديث: الثلاثاء، 08 فبراير 2022
السيارة الذكية  ماكلارين  MP4-12C

إذا أردنا أن نصف ماكلارين

MP4-12C بجملة واحدة، يكفي أن نقول أنها من إنتاج ثاني أقدم فريق فورمولا واحد في العالم وهذا بنظرنا كاف لإعطائها

حقها.. بالكامل

بإختصار، هي سيارة جديدة كلياً يمكن القول أنها خليفة ماكلارين F1 الأسطورية. يمكن لهذه السيارة أن تنقل راكبين يجلسان على مقعدين مثبتين الى قاعدة تأخذ لنفسها شكل المغطس تمت صناعتها من الألياف الفحمية قبل أن يجري تعزيزها بمحرك ذو وضعية وسطية خلفية يملك من القدرات من يمكن هذه السيارة من الوصول الى سرعة تراوح في حدود 320 كلم/س. وتعتمد سيارة ماكلارين هذه على محرك من 8 أسطوانات سعة 3,8 ليتر يعمل بالتعاون مع جهازي توربو ومن خلال تركيبة ميكانيكية متطورة جداً يفترض بها أن تقف في وجه فيراري، إن لم أقل أن مهمتها هي التفوق على هذه الأخيرة وتحديداً طراز 458 إيطاليا، خصوصاً أن محرك MP4-12C قادر على توفير قوة 592 حصاناً عند 7000 دورة في الدقيقة، أي أكثر بـ 22 حصاناً من فيراري 458 إيطاليا وبـ 40 حصاناً من لمبورغيني غاياردو LP 560-4. أما عزم الدوران الذي يولده محرك ماكلارين، فيصل الى 600 نيوتن متر يمكن إستخراجها عند 3000 دورة في الدقيقة، مما يعني أنه في حال تزويد MP4-12C بالإطارات السباقية المناسبة، يمكنها أن تنطلق من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في خلال 3,1 ثانية ترتفع الى 8,9 ثانية في حال كان التسارع من الصفر الى 200 كلم/س ولتتبدل هذه الأرقام الى 3,3 ثانية و9,1 ثانية في حال كانت السيارة مزودة بإطارات قياسية غير سباقية.

وتنتقل قوى MP4-12C الى العجلتين الخلفيتين الدافعتين بالتناغم مع علبة تروس من فئة SSG تعمل بقابضين فاصلين على نقل نسبها السبع. ويمكن لعلبة التروس أن تتصرف كواحدة أوتوماتيكية متطورة جداً تعمل على نقل نسبها بنعومة وسلاسة بالغتين لدرجة توحي لك أن هناك علبة تحويل للعزم، خصوصاً أن إنتقال النسب من الأولى ولغاية السادسة يتم بسرعة عالية ومن دون أن يشعر السائق بذلك. أما الهدف، فيتمثل بالإبقاء على دوران منخفض عند القيادة في المدينة ولينعكس ذلك بالإيجاب على مستويات الإستهلاك وبالتالي على الإصدارات. أما عند الإنتقال الى التبديل اليدوي، فتتدنى نعومة التبديل بشكل طفيف جداً ولكن مهما كان أسلوب القيادة، فـ MP4-12C ستؤكد لك أنها وعلى الرغم من سرعتها، تبقى واحدة من تلك السيارات السوبر رياضية القليلة التي لا تريد التباهي بنفسها.

ولكن قبل الدخول بتفاصيل تأدية هذه السيارة، لا بد لنا من الوقوف عند أمر مهم للغاية وهو ما قاله لي دنكان هيل، المدير الإقليمي لقسم ما بعد البيع لدى ماكلارين أوتوموتيف وهو «أن العنوان الرئيسي لهذه السيارة هو أن كل ما فيها مصنوع علمياً ولغاية محددة أو بمعنى آخر: الشكل يتبع الوظيفة». ولمن لم يفهم ما أراد دنكان أن يقوله، أقول أن كل مكونات MP4-12C، سواء كانت مرئية أم لا، مصنوعة لتحقيق هدف ما. ففي حالة التصميم الخارجي، يمكن القول أن كل مساحة معدنية أو زجاجية وكل زاوية أو فتحة تهوئة وصولاً الى أدق التفاصيل، شأن مدى الإنتفاخ الموجود في أغطية المصابيح الأمامية مصنوع بالطريقة التي صنع فيها من أجل التحكم بطريقة تدفق الهواء حول وفوق وتحت السيارة. فخط الكتف النافر في الخلف وطريقة ربطه الى غطاء المحرك المنخفض في الوسط مصنوعان لتوفير قوى دفع سفلية يفترض بها أن تساهم في زيادة تماسك القسم الخلفي من السيارة بالتعاون مع عاكس الهواء الخلفي.

وللإستمرار في توفير الأمثلة على ما سبق، أشير أن ماكلارين وفي سبيل الإبقاء على عرض إجمالي محدد لسيارتها لا يتجاوز حدود الـ 190,9 ملم، قامت بتثبيت شاشة جهاز الملاحة التي تعرض معلومات أخرى أيضاً منها معايير ضبط السيارة وغيرها، بوضعية طولية، كما عمدت الى نقل مفاتيح التحكم بمكيف الهواء العامل بمنطقتي تبريد منفصلتين من الكونسول الوسطي الى بطانات الأبواب. وهنا لم تبقي ماكلارين على عرض محدد للمقصورة وحسب، بل تمكنت من الخروج بكونسول وسطي رفيع لجهة عرضه الأفقي، الأمر الذي إنعكس على شكل مساحات داخلية رحبة وكريمة عززتها ماكلارين بمقاعد يمكن تحريكها في كل الإتجاهات مع مقود قابل لتعديل وضعيته أفقياً وعمودياً بهدف إيجاد وضعية القيادة الأمثل لكل السائقين بغض النظر عن أحجامهم وطول قاماتهم.

وفي سياق الكلام عن المقصورة، لا بد من الإشارة الى أنها تعتمد تصميماً مبسطاً وبعيداً عن التعقيد. وهنا تفيد مصادر ماكلارين أن السبب في ذلك يعود الى أن MP4-12C مصممة لتوفير متعة قيادة عالية ولتمكن السائق من الإنغماس بشكل كلي في عملية القيادة والإبتعاد عن الإلتهاء بمكونات لوحة القيادة. ومن هذا المنطلق، زودت هذه السيارة بعداد وسطي كبير لدوران المحرك يحتوي في أسفل طرفه الأيمن على عداد رقمي للسرعة. والى جانب هذا العداد الذي يصل مؤشره الى 9000 دورة في الدقيقة، وضعت ماكلارين عدادين على شكل لوحتين إلكترونيتين توفران كل المعلومات التي يحتاجها السائق أثناء القيادة. أما الكونسول الوسطي، فيحتوي في أعلاه على فتحة دائرية لهواء المكيف تعلو شاشة جهاز الملاحة العمودية الوضعية التي تعلو بدورها مجموعة صغيرة من المفاتيح الكبيرة الحجم التي لا يتطلب التأقلم مع وظائفها سوى وقتاً قليلاً. وعند تأمل لوحة القيادة، لا يمكن للمرء إلا أن يتذكر عبارة «الشكل يتبع الوظيفة» وليتأكد بالتالي أن البساطة التصميمية والعملانية هما العنوانين الرئيسيين لهذه السيارة التي صنع كل ما فيها ليخدم هدفاً تم تحديده مسبقاً.

ولزيادة التأكيد على تسخير العلم في صالح سيارة ماكلارين هذه، ألغت الشركة البريطانية مقابض فتح الأبواب الخارجية لصالح مستشعرات جرى إخفاؤها في القسم العلوي المخفي من خط الكتف الذي ينتهي في الخلف على شكل فتحتين عموديتين لإدخال الهواء الى مقصورة المحرك وجهاز المكابح الخلفي. وتعمل هذه المستشعرات وبمجرد لمسها على فتح بابي MP4-12C نحو الأعلى. وعلى الرغم من أن طريقة فتح الأبواب هذه لا تتوفر في أي سيارة أخرى، إلا أنها إبداعية ولكنها تعاني من مشكلة واحدة لن يشعر بها مالك هذه السيارة إلا في البلدان التي تتميز بمواسم أمطار طويلة ذلك أن المنطقة التي جرى وضع المستشعرات فيها ستتسخ من جراء الأمطار والوحول.

وبالإنتقال الى قيادة هذه السيارة، لا بد لي من الإشارة الى أنني قدتها لأول مرة في دبي قبيل إنطلاق فعاليات معرض الشرق الأوسط الدولي للسيارات الذي أقيم بنهاية العام الماضي. وعلى الرغم من أن السيارة التي قدتها لم تكن النسخة التجارية النهائية من MP4-12C، إلا أنني تفاجأت بها. فهي وعلى غرار النسخة النهائية، مزودة بنظام لتعديل معايير عمل السيارة يعمل من خلال ثلاثة برامج تتحكم بمعايير عمل جهاز التعليق وعلبة التروس. أما برامج العمل هذه، فتبدأ ببرنامج Normal المخصص للقيادة اليومية على الطرقات العادية وتمر ببرنامج Sport الذي تزداد معه قساوة التعليق ومستويات تجاوب علبة التروس ونقاط التبديل وتنتهي ببرنامج Track المخصص للقيادة على الحلبات والذي ترتفع معه قساوة التعليق الى الحدود القصوى، فيما تتجاوب علبة التروس بشكل سريع وتتحول السيارة الى وحش كاسر يتطلب من السائق مهارات قيادة عالية.

فعند إعتماد برنامج Normal، قمت بقيادة MP4-12C على طرقات المدينة وتحديداً في وسط مدينة دبي وحولها حيث تتواجد كميات كبيرة من المطبات العريضة التي تهدف الى خفض السرعة كثيراً. وعلى هذه المطبات، طلب مني دنكان هيل عدم خفض سرعتي وعبور المطبات بسرعة تراوح في حدود 60 كلم/س. حينها، تساءلت بيني وبين نفسي عن السبب بهذا الطلب لأن عبور هذه المطبات بسرعة تزيد عن 25 أو 30 كلم/س قد يؤدي الى تضرر التعليق وفي أفضل الأحوال الى إرتطام القسم السفلي الأمامي من السيارة بالطريق. ومع عبور هذه المطبات بسرعة عالية نسبياً، أصبت بالدهشة لأن MP4-12C لم تتصرف أبداً وكأنها سيارة سوبر رياضية إذ قام تعليقها الذي يعتمد على ماصات صدمات هيدروليكية تم ربطها الى بعضها البعض (تأخذ هذه الماصات مكان القضبان التقليدية المقاومة للإنحناء والغوص) بالتحكم بتحرك الإطارات العمودي لمواجهة تمايلات الهيكل الناتجة عن الإنعطافات المفاجئة ولتعبر MP4-12C هذه المطبات وكأنها عبارة عن تموجات طريق طفيفة. وبمعنى آخر، تشعر عند إعتماد برنامج Normal وقيادة سيارة ماكلارين هذه أنك خلف مقود سيارة عادية يمكنك أن تعتمدها لتنقلاتك اليومية وفي جو من الراحة حتى ولو إمتد إنتقالك على متنها لساعات طويلة ولدرجة كنت سأعتقد لو لم يسبق لي أن قدت لكزس LF-A، أنني خلف مقود سيارة سوبر رياضية من صنع.. لكزس.

أما عند الإنتقال الى معياري Sport وTrack وفي ظل وجود فارق كبير بين دوران المحرك عند إستخراج القوة القصوى وعزم الدوران الأقصى (يبلغ هذا الفارق 4000 دورة في الدقيقة) ومع توفر ضغط توربو يصل الى أكثر من 17 psi، سيشعر سائق ماكلارين أن ما يدفع سيارته ليس محرك V8 مدمج، بل محرك V10، خصوصاً أن تدني فعالية عمل جهاز التوربو عند تبديل النسب أمر لا وجود له، مما يوحي أن المحرك يعمل بسحب عادي، إلا أنك ستتذكر أن هناك جهازي توربو عندما تسمع صوت الصفير الخافت الناتج عن عمل بوابات تصريف هواء التوربو خلال تبديل النسب. أما عند ضغط دواسة التسارع الى الحدود القصوى، فسيزداد تدفق الهواء في مشاعب السحب، مما سيؤدي الى عمل صمامات خاصة لتحويل معايير العمل الى سباقية وهذا ما يمكن محرك MP4-12C من إطلاق طاقته القصوى البالغة 592 حصاناً. عندها، تبدأ سيارة ماكلارين هذه بتقديم ما لديها يساعدها في ذلك عنصرين لا يتواجدان في السيارات السوبر رياضية الأخرى وهما التعليق الهيدروليكي الذي تم من خلاله ربط ماصات الصدمات ببعضها البعض وهذا ما يمكن السيارة من التمتع بليونة عالية بعيدة كل البعد عن تمايلات الهيكل ولتوفر MP4-12C لسائقها شعوراً بأنه خلف مقود إحدى سيارات الكارتينغ. وفي هذه الحالة، يكفي أن تضغط دواسة الوقود الى حدودها القصوى عند خروجك من منعطف ما لتشعر بأن القسم الخلفي سينزلق ولكن ضمن حدود مقبولة وهذا ما يرفع متعة القيادة من دون تعريض السيارة للخروج عن مسارها. وهنا يلعب جهاز التحكم بالتماسك دوره بفعالية عالية وهذا ما يمكن السائقين الهواة من التمتع بالإنزلاقات من دون التعرض للخطر. أما في حالة السائقين المتمرسين، فسيشعرون وكأنهم يشاركون في سباق ما على حلبة ما. أما العنصر الثاني، فيتمثل بعاكس الهواء الخلفي الذي يتحول الى الوضعية العمودية عند الكبح القوي وليساعد في خفض السرعة.

ومن ناحية أخرى، إستعارت ماكلارين MP4-12C جهازاً خاصاً كان يتوفر فيما مضى لسيارات الفورمولا واحد قبل أن يتم منعه في ظل القوانين الحالية. ويعمل هذا الجهاز عندما تبدأ مؤخرة السيارة بالإنزلاق، على زيادة مستوى الكبح على الإطار الخلفي الداخلي، الأمر الذي يساهم في زيادة ثبات المقدمة ويمكن السائق من وضع مقدمة سيارته في المكان الذي يريده متفادياً بذلك الإنزلاقات الطويلة، الأمر الذي يمكنه بالتالي من توفير أجزاء من الثانية في كل منعطف.

وفي النهاية، يمكن القول أن السرعة والفعالية والكفاءة هي العناوين الرئيسية لـ ماكلارين MP4-12C التي لا يمكن وصفها إلا بالسيارة الذكية. وعلى الرغم من أن مهندسي ماكلارين سخروا كل ميادين العلم لصناعة سيارتهم هذه، إلا أنهم برأينا أغفلوا جانباً مهماً في عالم السيارات السوبر رياضية وهو الجانب العاطفي. فعندما تتأمل تفاصيل MP4-12C، تشعر أنها سيارة جدية للغاية، في وقت لا يمكنك أن تنظر الى فيراري 458 أو لمبورغيني غاياردو من دون أن تشعر أن هناك أحاسيس تتحرك في داخلك. وبكلمات أخرى، يمكنني أن أشبه قيادة فيراري 458 أو لمبورغيني غاياردو بما شعرت به عندما إشتريت هاتف iPhone بجيله الأول عندما كان أهم هاتف ـ كمبيوتر محمول في العالم. أما قيادة ماكلارين MP4-12C، فهي مماثلة لما شعرت به عندما إشتريت أول هاتف محمول بشاشة ملونة من نوكيا والذي كان يتميز بفعالية عمل متفوقة وإعتمادية متقدمة وقدرة عالية جداً على التحمل.

بمعنى آخر، لن تشعر بالحب من أول نظرة عندما تقود ماكلارين MP4-12C لأول مرة ولكن مع الأيام، ستتعلم كيف تقع في غرامها وعندها ستتغاضى عن مظهرها الخارجي وتتعلق بـ.. جوهرها.

«في سبيل الإبقاء على عرض إجمالي محدد لسيارتها، قامت ماكلارين بتثبيت شاشة جهاز الملاحة التي تعرض معلومات

كثيرة أخرى، بوضعية.. طولية»

«يمكن لمحرك MP4-12C أن يوفر قوة 592 حصاناً عند 7000 دورة في الدقيقة، أي أكثر بـ 22 حصاناً من فيراري 458 إيطاليا وبـ 40 حصاناً من لمبورغيني غاياردو LP 560-4»

«يتم إنتقال النسب من الأولى ولغاية السادسة بسرعة عالية ومن دون أن يشعر السائق بذلك. أما الهدف، فيتمثل بالإبقاء على مستويات إستهلاك وإصدارات متدنية»

«تشعر عند إعتماد برنامج Normal أنك خلف مقود سيارة عادية ومريحة يمكنك أن تعتمدها لتنقلاتك اليومية وفي جو من الراحة الذي يؤدي بك الى الإعتقاد أنك خلف مقود.. لكزس»

«أرادت ماكلارين من MP4-12C أن توفر متعة قيادة عالية وأن تمكن السائق من الإنغماس بشكل كلي في عملية القيادة والإبتعاد عن الإلتهاء بمكونات لوحة القيادة»