فيراري ...حلم إيطالي تحقق!!

  • تاريخ النشر: الخميس، 28 سبتمبر 2017 | آخر تحديث: الإثنين، 09 نوفمبر 2020

ما هي الظروف التي دفعت أنزو فيراري إلى تأسيس أعظم علامة تجارية في عالم السيارات الرياضية؟

مقالات ذات صلة
فيراري الإيطالية تعلن عن عالم فيراري جديد
صور أجمل سيارات العملاق الإيطالي فيراري
باتريزي يحمل فيراري غياب السائقين الإيطاليين

لقد كانت مجرد نزهة تلك التي قام بها الطفل أنزو ابن السنوات العشر مع والده خلال العام 1908 لمشاهدة أحد السباقات المحلية المقامة في مدينة بولونيا المحاذية لمودينا، أو على الأقل هذا ما اعتقده الوالد، الا أنه لولا هذه النزهة التي أشعلت شغف السباقات في مخيلة أنزو لما كنا نتمتع اليوم بما يُعتبر من أهم ما يرغب به الرجال، ألا وهو متعة القيادة الرياضية، تلك المتعة التي لطالما وفّرتها سيارات الحصان الجامح.
 
وعلى ضوء هذا الشغف، كان لا بد لأنزو أن يقرر خوض غمار هذا العالم المثير كسائق سباقات، ولكن رياح الحرب جرت بعكس ما ترغب سفنه حيث اضطر للإلتحاق بالجيش الايطالي اثر اندلاع الحرب العالمية الأولى وبقائه في صفوفه حتى العام 1918 عندما تم تسريحه اثر اصابته بالأنفلونزا التي اجتاحت العالم آنذك ،والتي لم تكتفي بتسريحه من الجيش بل كادت تضع حداً لحياته.
 
وباحثاً عن عمل، تقدم أنزو بطلب توظيف إلى شركة فيات، الا أنّ طلبه جوبه بالرفض، ولكن الإيطالي اليافع لم يستسلم وتمكّن بعد محاولات عدّة من الحصول على فرصة عمل لدى شركة سيارات صغيرة تدعى CMN عمل لديها كسائق تجارب تنحصر مهماته بإختبار هياكل السيارات خلال الانتقال بها من المصنع الى ورش المصممين، الا أنّ شغف السباقات بقي يداعب مخيلة أنزو حتى تمكّن عبر علاقته الجيّدة بأحد النافذين لدى شركة ألفا روميو من الحصول على مقعد للتسابق ضمن برنامج الشركة الذي يهدف الى إشراك بعض سيارات الانتاج التجاري بعد إخضاعها لتعديلات تسمح لها بخوض السباقات في نسخة العام 1920 من سباق تارجا فلوريو، حيث تمكّن أنزو من إحراز المركز الثاني فيه وبالتالي فتح أبواب عالم السباقات المثير أمامه.
 
وفي العام 1923، واثر الانتصارات التي حققها خلال السباقات التي كانت تقام على حلبة سيفوسي في رافينا، كان له لقاء بوالدي أحد أبطال الحرب العالمية الأولى الكونت فرانشيسكو باراكا اللذان أعجبا بشجاعة أنزو فقررا تكريمه عبر الطلب منه أن يتخذ من رسم حصان جامح كان ولدهما يزين به طائرته خلال المعارك الجوية التي خاضها الأخير دفاعاً عن الأجواء الايطالية شعاراً لسياراته، فإنتقل هذا الشعار إلى سيارات أنزو التي كانت ولا تزال ترفع إسم ايطاليا إلى ارتفاعات ومقامات أعلى بكثير مما تمكّن فرانشيسكو نفسه الوصول اليها.
 
وبعد سلسلة من الانتصارات والنجاحات، وبعد أن رُزق بإبنه الأول ألفريدو، أو دينو كما درجت العادة على تسميته، شعر أنزو أن ّأداءه في السباقات بدأ بالتراجع، الأمر الذي دفعه إلى إعادة النظر بخوضها،  فهو الذي كان يعتبر أنّ أي سائق يخسر ثانية كاملة من وقته على الحلبات مع كل طفل يرزق به هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإنّ صعود نجم السائق تازيو نوفولاري الذي رأى فيه أنزو موهبة فذة قد لا تتوفر لديه، فهو أيضاً الذي لطالما ردد أنّ السائق الذي لا يملك موهبة القيادة بالفطرة عليه البقاء في المنزل، لذا واستناداً الى هذين الأمرين قرر أنزو الانكفاء عن السباقات وتأسيس فريق سكودريا فيراري الذي تفرغ لإدارته من مكتبه الكائن ضمن المصنع الذي أسسه في مدينة مارانيلو تاركاً مهمة التواجد على الحلبات لمساعديه الذين كان يتابع عملهم عبر الهاتف.
 
ولم تتأخر بوادر نجاح هذه الخطوة بالظهور، حيث سطّرت احدى سيارات فيراري أولى انتصاراتها في سباقات الفورمولا 1 خلال جائزة بريطانيا الكبرى في العام 1951 على يد السائق الأرجنتيني فرولانغونزالز، من ثم كرّت سبحة الانتصارات عبر عقود وعقود حتى بلغت رقماً قياسياً تتفرد به فيراري حالياً ويبلغ 228 انتصار حتى موعد كتابة هذه السطور.
 
وتزامناً مع انتاج السيارات المخصصة للسباقات، أولت فيراري أهمية كبيرة لإنتاج سيارات رياضية مخصصة للطرقات وفّرت لها الشركة كل ما يلزم للتفوق والتفرد عبر تزويدها بهياكل خارجية لطالما اعتُبرت بمثابة تحف فنية أكثر منها مجرد وسائل نقل، كما أنّ مقاربة فيراري لهذا الأمر اختلفت عن السائد لدى الغير من الصانعين لأنّ الهدف الذي سعت وراءه فيراري هو انتاج هذه السيارات وبيعها من ثم استثمار الأرباح التي تُجنى منها في تمويل مجهودات فريق السباق وليس العكس لأن شغف السباقات هو وحده ما يحرك فيراري ويؤثر على قراراتها.
 
أما لهوليوود وفيراري فقصة أخرى، فكما أنتجت مدينة السينما الأميركية عبر تاريخها العديد من النجوم الذين أبهرونا بمواهبهم الفذة، كذلك فإنّ نجمات فيراري الميكانيكية لطالما شاركتهم هذا المجد، فمن منا لا يذكر المحقق الخاص توماس ماغنوم وهو ينطلق بـ فيراري 308 GTS  على طرقات جزيرة هاواي الساحرة في مهماته الساعية لحل الألغاز، أو الملازم سوني كروكيت في مسلسل ميامي فايز على صهوة فيراري تستاروسا بيضاء، نيكولاس كايج ملاحقاً شون كونري على متن فيراري 355 سبايدر في فيلم الصخرة، فارس بيولر هارباً من مقاعد الدراسة إلى أحضان فيراري كاليفورنيا، وأخيراً وليس آخراً الممثلة الأميركية الشهيرة أنغرد برغمان التي صممت لها فيراري سيارة خاصة أُطلق عليها تسمية 375 MM أنغرد برغمان.
 
وبالاضافة إلى نجوم هوليوود ورغبتهم بسيارات فيراري، لا بد أن نذكر أيضاً كل من الملك فاروق الذي دفعه إعجابه بسيارات الحصان الجامح إلى اختيار احداها كسيارته الوحيدة التي لم يرضى الإستغناء عنها رغم كل المصاعب التي واجهته خلال سنواته الأخيرة التي قضاها في منفاه الأوروبي، وأيضاً الملك حسين الذي امتلك العديد من طرازات فيراري النادرة، هذا بالإضافة إلى السلطان حسن بروناي الذي صُممت له فيراري بناءً على طلبه، وطبعاً مقابل الملايين من الجنيهات العديد من السيارات المعدّلة حسب ذوقه.
 
وفي الختام، وبعد مرور أكثر من 29 عاماً على رحيل أنزو عن دنيانا هذه، ولأنّ فيراري هي أسطورة، ولأنّ هذه الأسطورة هي الحلم الذي نذر حياته من أجله، ولأنّ فيراري الحلم تبقى أهم من فيراري الرجل، فإنّ هذا الحلم الذي تحقق يعيش اليوم عيده الـ 70 مع إنتصار من نوع آخر، إنتصار تحقق خارج الحلبات وهو التطور التقني الكبير التي تتمتع به سيارات فيراري المخصصة للطرقات، والتي تُعتبر اليوم خير ما زود بأربع عجلات.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.