بورش 918 سبايدر رحلة‭ ‬عبر ‬الزمن

  • تاريخ النشر: الإثنين، 23 يونيو 2014 آخر تحديث: الثلاثاء، 08 فبراير 2022
بورش 918 سبايدر

مواصفات السيارة

  • سعة المحرك: 4.6 لتر
  • عدد الأحصنة: 608 حصان
  • التسارع من 0- 100: 2.6 ثانية ثانية
  • السرعة القصوى: كلم/س
جميع مواصفات السيارة

اليوم قمت بتجربة بورشه 911 توربو S، تمكنت هذه السيارة من جعلي أنسى أن بورشه بوكستر S هي واحدة من السيارات المفضلة لدي. فمقابل كل ما تتمتع به هذه الأخيرة من توازن مصدره شاسي مدروس لتوفير المزيج المثالي من التماسك والراحة، أكدت لي 911 توربو S أنها قادرة على تزويد سائقها بمقومات بوكستر S كاملة ولكنها تضيف الى ذلك متعة قيادة إستثنائية بدأت على أثرها بالتفكير أنه يتوجب على 911 توربو S أن تأخذ مكان بوكستر S على لائحة سياراتي المفضلة، خصوصاً أن هذه السيارة قادرة على التحول من السيارة التي يستعملها المرء يومياً في تنقلاته الى واحدة يمكنها بمجرد الوصول الى أي حلبة أن تتحول الى سيارة “شبه” سباقية تملك من مقومات النجاح والتألق ما يمكنها من تحقيق أوقات قياسية معززة بمتعة قيادة مختلفة كلياً عن ما يمكن لأي سيارة منافسة أن تولده.

واليوم ذهبت الى حلبة ياس في العاصمة الإماراتية، أبوظبي حيث كان لي الحظ بقيادة 911 توربو S مرة أخرى ولكن على القسم الجنوبي من الحلبة الذي أعتقد شخصياً أنه ليس ممتعاً بقدر القسم الشمالي. ومع ذلك، تتميز الحلبة الجنوبية بقدرتها على إخراج معظم ما يتحلى به المرء من قدرات خلف المقود وعلى إبراز نقاط قوة وضعف كل سيارة ومنها 911 توربو S التي لا أزال مصراً أنها واحدة من السيارات الرياضية التي لا بد لأي محب للسرعة وللسيارات من أن يقوم بقيادتها لأن هذا النوع من السيارات قد لا يتكرر.

بورش 918 سبايدر رحلة‭ ‬عبر ‬الزمن

وعلى الرغم من أنني قادر على كتابة مئات الصفحات عن 911 توربو S، إلا أنني موجود اليوم على حلبة ياس لإستغلال فرصة نادرة قد لا تتكرر خلال حياتي وهي قضاء بعض الوقت في مقصورة بورشه 918 سبايدر وتحديداً خلف مقودها بهدف إستخراج أحصنتها الـ 887 والتعرف الى تقنياتها التي تشكل قفزة نوعية بإتجاه السيارة الهايبر رياضية المستقبلية. وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة الى أن بورشه قدمت سيارتها هذه في معرض جنيف 2010 وكانت حينها مزودة بمحرك بنزيني ـ كهربائي بقوة تراوح في حدود 700 حصان. ومع أنها كانت لا تزال في الطور الإختباري الأول، إلا أن هذه السيارة تمكنت من أن تصبح محط إهتمام كل محبي السيارات والتأدية الرياضية المتفوقة لأنها تحمل إسم بورشه التي يبدو أنها لا تكتفي بالتفوق الذي تتمتع به سياراتها الحالية، بل تريد أن تلعب أيضاً دور الريادة في التوجه المستقبلي للسيارات الهايبر رياضية التي تشدد على مراعاة البيئة من خلال المحركات الهجينة وتلك الكهربائية ولكن من دون المساومة على صعيد متعة القيادة والتأدية الرياضية المتقدمة. وحينها، لم أكن متفائلاً أبداً وذلك لعدة أسباب أبرزها أن السيارات الكهربائية ـ بالنسبة لي على الأقل ـ تشعرني وكأنني أقود جهاز كمبيوتر. أما السبب الثاني، فيكمن بأنني من أكثر المعجبين بـ بورشه كاريرا GT التي يمكن القول أنها تلعب دور الجيل الأول من 918 سبايدر، في وقت يتمثل السبب الثالث والأخير بميل الصانعين عند تقديم سيارة إختبارية ما الى المبالغة في تقديراتهم وتوقعاتهم. واليوم وبعد حوالي ثلاث سنوات من التطوير، باتت 918 سبايدر جاهزة وهذا ما أدى الى إطلاقها في معرض فرانكفورت العام الماضي وما أن بدأ إطلاقها الرسمي من خلال حلبة ياس حتى سارعت لتجربتها.

بورش 918 سبايدر رحلة‭ ‬عبر ‬الزمن

ولكن قبل الكلام عن التجربة، دعونا نتوقف قليلاً عند تفاصيل هذه السيارة التي إعتمدت لها بورشه على خليط من الألياف الفحمية والبلاستيك المقوى (CFRP) الذي يتميز بوزنه المتدني وصلابته العالية ومقاومته للصدمات وقد صنعت منه قاعدة 918 سبايدر التي تتألف من قسمين يتشابه الأول منهما مع شكل المغطس العريض وقد تم إستعماله لوضع مقصورة السيارة. أما القسم الثاني، فمن نفس الخليط ولكنه مثبت خلف مقصورة الركاب وقد تم تخصيصه لحمل المحرك الذي أخذ لنفسه وضعية وسطية. ويتألف هذا المحرك من 8 أسطوانات بشكل V وهو بسعة 4.6 ليتر ويعمل بتقنية القعر الجاف. وعلى الرغم من أنه لا يعتمد على أي نظام تلقيم إضافي، يمكن لهذا المحرك أن يولد قوة 608 أحصنة. ومباشرة خلف هذا المحرك، وضعت بورشه محركاً كهربائياً بقوة 154 حصاناً أخذ لنفسه مكاناً بين المحرك البنزيني وبين علبة التروس وهي من طراز PDK التي تعمل بقابض فاصل مزدوج. أما في الأمام، فقد إعتمدت بورشه على محرك كهربائي آخر بقوة 127 حصاناً ينقل قواه الى العجلتين الأماميتين، في وقت تنقل المجموعة البنزينية ـ الكهربائية في الوسط والخلف قواها الى العجلتين الخلفيتين، مما يعني أن 918 سبايدر تندفع بعجلاتها الأربع بشكل مستمر ومن خلال 887 حصاناً معززة بكميات هائلة من عزم الدوران الذي يصل الى 1275 نيوتن متر، الأمر الذي يمكن السيارة من التسارع من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في غصون 2.6 ثانية ترتفع الى 7.2 ثانية عندما يكون التسارع الى 200 كلم/س والى 19.9 ثانية في حال كان القرار بالتسارع الى 300 كلم/س. أما السرعة القصوى للسيارة عند إندفاعها كهربائياً، فيبلغ 150 كلم/س مقابل 345 كلم/س عند الإعتماد على الكهرباء والبنزين معاً. ومن هنا، لم يعد من المستغرب أن تتمكن 918 سبايدر من تسجيل رقم قياسي جديد يبلغ 6.57 دقيقة لتوقيت اللفة الواحدة على حلبة نوربورغرينغ الألمانية وعلى متن سيارة تعتمد على إطارات قياسية.

ولتحقيق التماسك الأفضل، لم تكتفي 918 سبايدر بإندفاعها الرباعي المستمر، بل أضافت اليه وزناً منخفضاً نسبياً يبلغ 1673 كلغ تم توزيعه بنسبة 43 بالمئة للأمام و57 بالمئة للخلف مع مراعاة توفير مركز جاذبية منخفض جداً (بمستوى عزقات تثبيت الإطارات) يعود السبب الرئيسي فيه الى عمل مهندسي بورشه على “حشر” الأوزان الرئيسية في وسط السيارة وفي أماكن منخفضة كما هو الحال مع بطاريات السيارة (ليثيوم ـ أيون بوزن 137.9 كلغ) التي جرى تثبيتها في القسم السفلي من وسط الشاسي.

وعلى حلبة ياس التي تعتبر منزل السيارات الهايبر رياضية، بدت 918 سبايدر في أبهى حللها. فهي تتحلى بحضور لافت لا يمكن التغاضي عنه، خاصةً أن مهندسي الهياكل لدى بورشه واللذين إعتمدوا على كم هائل من المعالم التصميمية الخاصة بشركتهم في هذه السيارة، قرروا أن يركزوا على التناسب الهندسي الذي يبدو بوضوح من خلال إرتفاع 918 سبايدر الإجمالي المنخفض والذي شعرت به بمجرد وقوفي الى جانبها حيث وصل سقفها الى إرتفاع الخصر. وهنا، لن أستمر بوصف 918 سبايدر تاركاً المهمة للصور المرفقة بهذا الموضوع لأنتقل الى مقصورتها التي ما أن تفتح بابها الأيسر حتى تجد عتبة عريضة مصنوعة من الألياف الفحمية التي تم إعتمادها أيضاً للمقاعد الرقيقة التي يمكن تحريكها أفقياً بطريقة يدوية، مقابل التحريك الكهربائي للتحكم بإرتفاعها. أما ظهر هذه المقاعد، فهو ثابت وغير قابل للإمالة وذلك على عكس المقود الذي يمكن تحريكه أفقياً فقط. وعلى الرغم من أنني كنت أفضل لو كانت وضعية المقود أكثر إنخفاضاً، إلا أنني شعرت أن وضعية جلوسي جيدة جداً مع كم كاف من المساحات الداخلية المخصصة للأرجل والأقدام. أما الشعور الأبرز عند الجلوس خلف المقود وتعديل وضعية الجلوس بالشكل الذي يناسبني، فتمثل بالإحساس بأنني جالس في سيارة سباقية وذلك بسبب وضعية ظهر المقعد المستقيمة ومكان المقود القريب من صدري.

بورش 918 سبايدر رحلة‭ ‬عبر ‬الزمن

وقبل تشغيل المحرك، نظرت الى الأمام لأكتشف أن مجالات الرؤية الأمامية ـ والجانبية أيضاً ـ ممتازة، إلا أن أول ما رأيته هو الحدبتان الكبيرتان اللتان تعلوان الإطارين الأماميين واللتين سمحتا لي ـ كما لاحظت خلال القيادة ـ بتحديد مكان تواجد إطاري السيارة الأماميين وبالأخص عندما كنت أقود بطريقة هجومية. ولتشغيل المحرك، يكفي أن تضع مفتاح السيارة في المكان المخصص له على يسار المقود وأن تحركه لنصف لفة كي تدب الحياة المحركات الكهربائية التي لن تتمكن من سماعها إلا في حال كنت تتميز بحاسة سمع متفوقة ولكنك ستعلم أن المحركين الكهربائيين يعملان بفضل العدادات التي يغيب عنها اللون الأسود ليحل مكانه عدادات رقمية ذات تصميم تقليدي. وهنا يجب أن تتأكد أن هناك كمية كافية من الكهرباء المخزنة في البطارية ولكن لا تقلق لأن إعادة شحن البطاريات بشكل شبه كامل لن يتطلب أكثر تشغيل المحرك البنزيني والقيادة لدقائق معدودة مع المحافظة على دوران هذا المحرك في حدود 4500 دورة في الدقيقة. والى يمين المقود ذو المقابض الثلاثية، هناك عتلة تتشابه مع عتلات علب التروس الأوتوماتيكية القديمة ولكن حجمها صغير جداً (حوالي 4 سم) ويمكن معها الإنتقال بين الوضعيات R وN وD في حال كنت تريد القيادة بالإعتماد على التبديل الأوتوماتيكي. والى يمين هذه العتلة، هناك مفتاح يعمل بالضغط الخفيف مهمته تفعيل وإيقاف عمل مكبح اليد الإلكتروني. وعلى مقبض المقود الأفقي الأيمن، هناك مفتاح دائري يحمل إطاره الخارجي الحروف E وH وS وR ويحتوي في وسطه على مفتاح أحمر. وعبر المفتاح الدائري، يمكن الإنتقال بين برامج القيادة التي تبدأ بـ E للدفع الكهربائي الذي يمكن معه لـ 918 أن تتسارع الى 100 كلم/س في أقل من 7 ثواني وتمر بكل من H للقيادة الهجينة وS للقيادة الرياضية الهجينة وتنتهي ببرنامج R للقيادة السباقية الهجينة. أما المفتاح الأحمر، فيعمل عند الضغط عليه على تسخير كل ما يوجد تحت هيكل 918 سبايدر لتوفير أعلى قدر من قوة الدفع ولكن لفترة محدودة يتوجب بعدها إعادة شحن البطاريات.

بورش 918 سبايدر رحلة‭ ‬عبر ‬الزمن

وعلى الرغم من أن برنامج E ليس مخصصاً لتوفير متعة قيادة عالية، إلا أنه توجب عليّ إعتماده للتأقلم مع السيارة التي أصدرت حينها حفيفاً ناعماً أوحي لي أنني على متن مركبة فضائية قادمة من عالم حرب النجوم. وما أن قمت بضغط دواسة التسارع متعدياً الحد الذي شعرت فيه بمقاومة هذه الدواسة حتى دبت الحياة بالمحرك البنزيني بشكل تلقائي (إذا أردت تشغيل هذا المحرك بنفسي، فيكفي أن أضغط على عتلة تبديل النسب نزولاً والموجودة خلف المقود الى اليسار). وهنا، يتوجب أن أقول أنه بغض النظر عن برنامج القيادة الذي تعتمده أو طريقتك في القيادة، فستشعر على الدوام أن حجم 918 أصغر من ما هو عليه في الواقع وهذا ما أدى بي الى زيادة الضغط وبالأخص بعد أن إعتمدت برنامج R السباقي الذي أصبحت معه علبة التروس “عدائية” والذي ترافق مع هدير هائل صدر عن عوادم 918 الموجودة خلفي مباشرة ومع إرتجاجات طفيفة شعرت بها من خلال مقعدي. حينها، بدأت بزيادة ضغط قدمي على دواسة التسارع وبدأت بالإحساس بقوة هذه السيارة وقدرة عزم دوران مجموعتها الميكانيكية على دفعي الى سرعات عالية جداً في أوقات قليلة جداً ولدرجة منعتني من النظر الى عداد السرعة بسبب تركيزي المطلق على مسار الحلبة الذي إحتوى على منعطفات منوعة ومتتالية وعلى مقاطع مستقيمة قصيرة ومقطع طويل يحتوي على منعطفين يمكن دخولهما من دون رفع القدم عن دواسة التسارع مطلقاً. وبين هذه المنعطفات، أبدت 918 سبايدر مستويات ثبات متفوقة كانت معها عملية دفعها للإنزلاق عند الخروج من المنعطفات صعبة. وهنا، مكنني الرفرافان الأماميان المرتفعان من معرفة مكان تواجد إطاري 918 الأماميين بالتحديد وهذا ما كان يساعدني في وضع مقدمتها في المكان الذي أريده بالضبط عند الدخول في المنعطفات التي تمكنت قبل الوصول الى كل منها من تأخير عملية الكبح الى أكثر من ما كنت أتوقع لأن المكابح السيراميكية تملك قدرة كبح هائلة. وفي هذا الإطار، لا يتوجب على المرء أن يقلق في حال أضاع بعض الوقت عند الدخول في المنعطفات لأن الضغط على دواسة التسارع عند الخروج من هذه المنعطفات يمكن المحرك من تعدي حدود الـ 6000 دورة في الدقيقة والحصول على تسارعات صاروخية بسهولة بالغة. ومن ناحية أخرى وعلى الرغم من أنني كنت أعتقد أنني سأنهي لفاتي على متن هذه السيارة وأنا أشعر بجهد كبير، إلا أنني تفاجأت من مدى سهولة قيادة 918 على السرعات العالية، خصوصاً أن نظام بورشه للمفاضلة في كبح الإطارات الخلفية، بالإضافة الى نظامي الإلتفاف الرباعي والتحكم بالتعليق تعمل مجتمعة على تسهيل مهمة السائق في حال كان يريد كسر الأوقات.

ومع إنتهاء الوقت المخصص لي خلف مقود 918 سبايدر، سيطر عليّ إحساس قوي ظهر على شكل السؤال التالي: ترى، متى سأتمكن من الإحساس بمتعة القيادة الإستثنائية التي وفرتها لي هذه السيارة التي شعرت معها وكأنني إنتقلت بالزمن الى عالم مستقبلي قدت خلاله سيارة هايبر رياضية يعود تاريخ تصنيعها الى العام 2025 قبل أن أعود الى عالمي الحالي الذي سأضطر فيه الى الإكتفاء بالمتعة التي توفرها.. 911 توربو S.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار عالم السيارات