مرسيدس-بنز تغيّر استراتيجيتها في تصاميم السيارات الكهربائية

بعد سنوات من تقديم تصاميم فريدة للسيارات الكهربائية التي تميزها عن سيارات محركات الاحتراق، قررت مرسيدس-بنز اعتماد استراتيجية جديدة تدمج بين التصميمين. الهدف من هذا التحول هو تحقيق انسجام بصري بين جميع طرازات الشركة، سواء كانت تعمل بالكهرباء أو البنزين. في المقال التالي سوف نستعرض التوجة الجديد الموحد لتصاميم سيارات مرسيدس الكهربائية المستقبلية.

من التصاميم المميزة إلى الخيارات الكلاسيكية

أوضحت شركة مرسيدس-بنز أن السبب وراء تقديم تصاميم فريدة في طرازات مثل EQS وEQE وEQC كان تلبية لرغبات المشترين الأوائل. هؤلاء كانوا يبحثون عن سيارات كهربائية "تبدو مختلفة" عن سيارات البنزين التقليدية، حيث كانت الجاذبية الأولى تكمن في الابتكار واختبار تصاميم جديدة تُعبّر عن الهوية المستقبلية لهذه السيارات. وقد ساهم ذلك في بناء سمتها المميزة في السوق كعلامة متقدمة في تقديم حلول نقل مستدامة. لكن مع تغير السوق وتطوير احتياجات المستهلكين، ودخول السيارات الكهربائية في مرحلة الانتشار الواسع والتنافس الشديد، بات العملاء يميلون إلى تصاميم أكثر تقليدية تُظهر الفخامة والتميز بطريقة مُبسطة ومريحة. كما أصبح التركيز على تحسين الأداء، تعزيز الراحة، والاهتمام بالشكل الخارجي الذي يحمل لمسات عصرية وراقية، دون التخلي عن عناصر هوية مرسيدس المميزة مثل الجودة العالية والدقة في التفاصيل، جزءاً مهماً من عملية التصميم لضمان تجربة ممتعة تلبي تطلعات شريحة أكبر من المستخدمين.

”شكل الفقاعة”: قصة تصاميم مرسيدس السابقة

مدير التصميم في مرسيدس، غوردن فاغنر، كان قد دافع عن التصاميم الانسيابية التي عُرفت بـ "شكل الفقاعة"، مشيراً إلى أنها كانت مبنية على رؤية مستقبلية تهدف إلى تحقيق توازن بين الجمال والكفاءة الديناميكية. لكنه أكد أن هذه التصاميم كانت سابقة لزمانها، حيث صرح قائلاً إن إطلاقها حدث قبل عشر سنوات من الوقت المناسب، مشدداً على أنها كانت تستند إلى فلسفة تصميمية متقدمة اعتمدت على تحسين الأيروديناميكية والابتعاد عن القوالب التقليدية. وأضاف أن السياقات السوقية والتفضيلات آنذاك لم تكن مهيأة بعد لتقبل هذا النوع من التصميمات الجريئة، إذ كان الجمهور يميل نحو الخطوط التقليدية التي تعكس المألوف بدلاً من الخيال المستقبلي. كما أشار إلى أن جهود التسويق حينها لم تنجح في إقناع العملاء بالفكرة بسبب نقص التواصل الفعّال حول فوائدها العملية والجمالية، مما سلط الضوء على أهمية اختيار اللحظة المناسبة للإطلاق بما يتماشى مع توقعات السوق والتطورات الثقافية. وشدد فاغنر على دور التعليم والتوعية بأهداف التصميم الجديد في تغيير إدراك العملاء وتحقيق قبول أوسع للتوجه الابتكاري.

تصاميم موحدة بين السيارات الكهربائية والتقليدية

اليوم تتخذ مرسيدس نهجاً جديداً يعتمد على توحيد الهوية البصرية بين سياراتها بهدف تعزيز الترابط بين الطرازات المختلفة وتقديم رؤية تصميمية موحدة تعكس فلسفة العلامة التجارية. على سبيل المثال، الجيل الكهربائي الجديد من GLC، الذي تم الكشف عنه مؤخراً، يتميز بنفس التصميم تقريباً لطراز البنزين مع اعتماده على تحسينات تقنية تتلاءم مع متطلبات السيارات الكهربائية الحديثة. هذا النهج يجعل السيارة الكهربائية بديلاً مباشراً للطراز السابق EQC صاحب المبيعات المحدودة، مما يساهم في زيادة انتشار السيارات الكهربائية تحت مظلة مرسيدس. بالإضافة إلى ذلك، تعمل مرسيدس على تطبيق نفس الأسلوب في الجيل الجديد من CLA، بغض النظر عن نوع المحركات المستخدمة، مما يعكس التزام الشركة بابتكار طرازات تجمع بين جمال التصميم وكفاءة الأداء بغض النظر عن التكنولوجيا التي تعتمد عليها.

المنصات المختلفة لدعم الأداء المتميز

رغم توجه مرسيدس لتوحيد الشكل الخارجي، فإنها تواصل تطوير منصات ميكانيكية منفصلة لكل من السيارات الكهربائية والتقليدية. وأكد ماركوس شيفر، الرئيس التنفيذي للتقنية في مرسيدس، قائلاً:

“في المستقبل، ستكون هوية التصميم والذكاء الاصطناعي داخل المقصورة موحدة، لكن المنصة الميكانيكية ستبقى مختلفة. الجمع بين نوعي المحركات في هيكل واحد يعني التنازل، ونحن لا نريد تقديم سيارات فيها أي تنازلات.”

منصة جديدة لسيارة C-Class الكهربائية

من المقرر أن يعتمد الجيل القادم من C-Class الكهربائية على منصة MB.EA المخصصة للسيارات الكهربائية. ستتميز هذه السيارة بتقنية 800 فولت التي تقدم أداءً أفضل من حيث كفاءة الشحن وتسريع العمليات الكهربائية، إلى جانب بطارية ذات سعة تصل إلى 94 كيلوواط/ساعة، مما يعزز مدى السيارة وملاءمتها للاستخدام اليومي. من المتوقع أن توفر السيارة تجربة قيادة متميزة بفضل تقنيات القيادة الذاتية وأنظمة الترفيه الحديثة المدمجة. مع إطلاق متوقع في عام 2026، تهدف السيارة لتكون منافساً شرساً في سوق السيارات الفاخرة الكهربائية، لا سيما ضد طراز BMW i3 الجديد.

توجه جديد يجمع بين الحداثة والكلاسيكية

ترى مرسيدس أن مستقبل التصميم يعتمد على تحقيق توازن مثالي بين الابتكار والهوية الكلاسيكية. تسعى الشركة إلى تقديم سيارات كهربائية تجمع بين الأناقة والديناميكية، مع التركيز على تعزيز الاستدامة البيئية واستخدام أحدث الابتكارات التكنولوجية. ومن خلال الاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة مثل البطاريات ذات الأداء العالي وتقنيات الشحن السريع، تهدف مرسيدس إلى دعم انتشار السيارات الكهربائية بشكل أوسع. تعمل مرسيدس كذلك على دمج تقنيات القيادة الذاتية والاتصال الذكي بالمركبات، مما يضمن توفير تجربة قيادة متطورة ومريحة تلبي احتياجات المستخدمين المتنوعة، مثل تخصيص الإعدادات بناءً على تفضيلات السائق وتحليل بيانات حركة المرور لتحسين الكفاءة. ومع ذلك، تظل العلامة التجارية حريصة على الحفاظ على روحها المميزة وهويتها الفريدة، بعيداً عن التصاميم المبهرجة أو المبالغة في محاولة الاختلاف. تعكس فلسفة مرسيدس التزامها العريق بالجودة والإبداع مع الحرص على إضفاء لمسة عصرية تواكب الابتكارات المستقبلية.