جهود علمية لصناعة طائرات ركاب من دون طيارين

  • بواسطة: الإمارات اليوم تاريخ النشر: الأحد، 12 أبريل 2015 آخر تحديث: الثلاثاء، 08 فبراير 2022
جهود علمية لصناعة طائرات ركاب من دون طيارين

في الـ24 من مارس 2015، تحطمت طائرة تابعة لشركة «جيرمان وينغز» على جبال الألب الفرنسية، ما أسفر عن وفاة جميع ركابها وطاقمها البالغ عددهم 150 شخصاً. وأثارت الأدلة المتزايدة حول تعمد مساعد الطيار إسقاطها، نقاشاً عالمياً حول مدى كفاءة متابعة العاملين في مجال الطيران من ناحية إصابتهم بأمراض نفسية، وسُبل ضمان ألا تُترك قمرة القيادة تحت إمرة شخص واحد.

كما اتخذت المناقشة مساراً مختلفاً بين العديد من خبراء الطيران، وتضمنت سؤالاً يتعلق بعدد الطيارين اللازمين فعلاً على متن الطائرات التجارية، وما إذا كان من الضروري وجود طيار واحد على الأقل، أم أن الرحلات ليست بحاجة إلى طيارين على الإطلاق.

في الواقع، قلّلت التطورات الجارية في تقنيات أجهزة الاستشعار، والحوسبة والذكاء الاصطناعي، كثيراً من الحاجة إلى طيارين في مقصورة القيادة أكثر من ذي قبل. وتجري وكالات حكومية أميركية تجارب لإحلال مساعدي الطيارين وربما الطيارين أنفسهم في طائرات الشحن بـ«روبوتات» أو مراقبين يتحكمون في الطائرات عن بعد، كما جاء في تقرير نشرته صحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية.

ويتوافق ذلك مع ما انتهت إليه دراسة حديثة، ذكرت أن الطيارين الذين يقودون طائرات من طراز «بوينغ 777» قضوا سبع دقائق في التحكم اليدوي في الرحلات العادية، بينما أمضى قائدو طائرات «إيرباص» نصف ذلك الوقت.

وعلى مدار عام 2014، نقلت شركات الخطوط الجوية 838.4 مليون مسافر على متن أكثر من 8.5 ملايين رحلة جوية. وتستعين الطائرات الحديثة بالفعل بالعديد من النظم الآلية، ويتولى توجيه الطائرة عموماً نظام «الطيار الآلي» الذي يُتابع موقعها بواسطة أجهزة استشعار للحركة وتقدير الموضع، ويصوبه عند الحاجة بالاستعانة بالنظام العالمي لتحديد المواقع الجغرافية. وفضلاً عن ذلك، تُستخدم أنظمة برمجية للهبوط بالطائرات التجارية.

وتكتسب الطائرات التجارية مزيداً من الذكاء بمضي الوقت. وقال أستاذ تكنولوجيا الملاحة الجوية والفضائية في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا»، ديفيد ميندل، إن طائرة «إيرباص» تعرف ما يكفي كي لا تصطدم بجبل، ويُنبه نظام الإنذار فيها الطيار، دون أن يتولى التحكم في الطائرة.

وبالطبع يُمكن لمثل هذا النظام التحكم في الطائرة حال السماح له. وبالفعل تستخدم وزارة الدفاع الأميركية برمجية للطيران الآلي في مُقاتلات «إف 16». واستثمرت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» الكثير من الموارد في الطائرات الآلية. وحتى عام 2013، ضمت الترسانة العسكرية الأميركية ما يزيد على 11 ألف طائرة من دون طيار أو «درون»، لكن دائماً ما يتم قيادتها عن بعد. وتتضمن كل مهمة قتالية تخوضها طائرة من دون طيار مشاركة أكثر من 150 شخصاً. وخلال الصيف الجاري، ستتخذ «وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة» التابعة لوزارة الدفاع الأميركية والمعروفة باسم «داربا» الخطوة التالية في اعتماد مزيد من «الآلية» في قيادة الطائرات، لتشمل عمل الأطقم الجوية في قمرة القيادة. كما سيشهد العام الجاري اختبار «داربا» لـ«روبوت» يُمكن تثبيته سريعاً في المقعد الأيمن إلى جوار الطيار في طائرة عسكرية، ليعمل بمثابة مساعد طيار، وسيتمكن من التحدث، والاستماع، والتعامل مع أدوات التحكم وقراءة بيانات معدات الطائرة.

وسيتمتع الـ«روبوت»، الذي يُشبه بعض الشيء الـ«روبوت» (آر تو دي تو) R2D2 في سلسلة أفلام «حرب النجوم»، بالعديد من مهارات الطيار البشري، ومن ذلك القدرة على الإقلاع والهبوط بالطائرة، ومساعدة الطيار في الرحلات العادية، وتولي القيادة في حلات الطوارئ.

وتتعاون «داربا» مع عدد من شركات الفضاء والجامعات تُؤلف ثلاث فرق متنافسة لتطوير الـ«روبوت». كما تسعى الوكالة ليكون الـ«روبوت» واعياً من الناحية البصرية في مقصورة القيادة، ما يسمح له بالتحكم في الطائرة من خلال ضبط المعدات المُصممة أساساً لتُلائم الأيدي البشرية مثل عصا القيادة، أو مقود التحكم والدواسات، إضافة إلى المقابض، والوصلات، والأزرار.

وستعتمد هذه الـ«روبوتات» على تقنيات تمييز الصوت، وتأليف الحديث، للتواصل مع الطيارين ومُراقبي الرحلات الجوية.

وقال مدير برنامج في «مكتب التكنولوجيا التكتيكية» التابع لوكالة «داربا»، دانيال بات، إن «الأمر يتعلق بدعم نوع جديد من التشغيل الآلي يتمحور حول تعزيز قدرات الإنسان».

وفي السياق نفسه، تبحث «الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء» والمعروفة باسم «ناسا» في فكرة ذات صلة، تتعلق بالتخلي عن مساعد الطيار في قمرة القيادة في الرحلات الجوية التجارية، والاعتماد على مُراقب واحد يعمل على الأرض للتحكم عن بُعد في طائرات متعددة في الوقت نفسه، ومن شأنه أن يكون قادراً على التواصل مع الطائرات عند الحاجة، والهبوط بها في حالة عجز الطيار، أو حدوث ما هو أسوأ.

وقالت مديرة «مختبر البشر والتحكم الذاتي» في «جامعة ديوك» الأميركية والباحثة ضمن مشروع «داربا»، ماري كامينجز، إن تحطم طائرة «جيرمان وينغز» زاد من أهمية التساؤل حول ما إذا كان ينبغي استخدام طرق خارجية للتحكم في الطائرات التجارية أم لا؟.

وتساءلت كامينجز، التي عملت سابقاً قائدة لطائرة من طراز «إف 18» في قوات البحرية الأميريية، عما إذا كانت طائرة يقودها ربانٌ واحد، مع إمكانية التحكم بها عن بعد من الأرض، أكثر أمناً مُقارنة بالأنظمة المستخدمة حالياً، وأضافت: «الإجابة هي نعم».

وفي الشهر الماضي، اجتمع في منشأة تابعة لمركز أبحاث «أميس» التابع لوكالة «ناسا» مجموعة مراقبين متقاعدين لحركة الطيران، وطيارون تجاريون في محطات لمراقبة الحركة الجوية، وساعدوا العلماء في اختبار يُحاكي حركة الطيران المتجهة إلى مدينة «فينيكس».

ويُعرف البرنامج باسم «محطة التسلسل والتباعد»، وبمقدوره تنسيق السرعة والفاصل بين مئات الطائرات في الوقت ذاته؛ بهدف تحسين حركة الطائرات التي تحط في المطارات؛ وتقول «ناسا» أنها قد تنجح في نهاية المطاف في زيادة كثافة حركة الطيران في سماء الولايات المتحدة بنسبة 20%، مع الاستعانة بعددٍ قليل من المراقبين البشريين.

وفي الواقع، يُحقق الاتجاه إلى الطائرات ذاتية التحكم، ونظم التحكم في الحركة الجوية، توفيراً كبيراً في الموارد المالية، إذ قدر تقرير بحثي لوكالة «ناسا» في عام 2007 كلفة العمالة المتعلقة بمنصب مساعد الطيار وحده في طائرات الركاب بمليارات الدولارات سنوياً.

المصدر: جهود علمية لصناعة طائرات ركاب من دون طيارين