ستقوم بمهامها كاملةً

بعد جيتا، أطلقت فولكسفاكن باسات التي قادها حسان بشور في الأردن ووجد أنها يجب أن تكون ضمن خيارات المستهلك الراغب بسيدان عائلية متوسطة الحجم

منذ تقديمها الأول خلال السبعينات، إنتمت فولكسفاكن باسات الى قطاع السيارات العائلية المتوسطة الحجم ولكنها خلال السنوات العشر الأخيرة لم تتمكن من تحقيق مكانة مرموقة لنفسها في سوق تسيطر عليه المنافسة العاتية، مع العلم أنها واحدة من السيارات العائلية الجيدة. أما مشكلتها، فقد تمثلت بكونها تتحلى بروح رياضية أقوى من منافساتها اليابانيات والأميركيات ولكنها كانت أصغر منهن حجماً وأغلى ثمناً وهذا ما حد من مبيعاتها. ومن هنا، كان قرار فولكسفاكن بتوفير نسخة جديدة من هذه السيارة ليتم بناؤها في مصنع شاتانوغا الجديد في ولاية تينيسي الأميركية ولكن بعد تزويدها بروح ألمانية حقيقية. أما الخطوط العامة التي تم على أثرها القرار ببدء صناعة باسات «الأميركية» هذه، فقد نصت على أن تكون أكبر من باسات الأوروبية وأن تتوفر في أسواق كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا والصين، بالإضافة الى منطقة الشرق الأوسط وشرط أن تتحلى بسعر يمكنها معه أن تنافس سيارات فئتها، شأن تويوتا كامري وشفروليه ماليبو وفورد فيوجن وهوندا أكورد ونيسان ألتيما وغيرها.

من الخارج وعلى الرغم من التناسق الهندسي الذي تتمتع به باسات، إلا أن النظر الى تصميمها الجانبي يؤكد على إعتمادها على مبدأ البساطة التصميمية ذلك أن الجوانب تعتمد على خط واحد يصل بين أعلى المصابيح الأمامية ويمتد عابراً الرفاريف الأمامية والأبواب والرفاريف الخلفية ليصل في الواجهة الخلفية حيث ينضم الى القسم العلوي من المصابيح. أما باقي التصميم الجانبي، فلا يعتمد إلا على مساحات معدنية وزجاجية مسطحة تخلو من التفاصيل التصميمية بإستثناء طراز القمة الذي يحتوي على خط كرومي عريض في أسفل الأبواب، في وقت كانت التفاصيل التصميمية ستوفر لهذه السيارة مزيداً من الفرادة والجمال والحضور لو تم إعتماد بعضها. ولكن لا يمكننا هنا إلا أن نقول أن الخطوط الجانبية لهذه السيارة تتسم بنوع من الأناقة والفرادة وأن بساطتها تؤكد من ناحية أخرى أن عمر هذا التصميم الخدماتي لن يكون قصيراً وهذا ما سيلعب في صالح باسات و.. المستهلك.

أما في الأمام، فقد قرر قسم التصميم التابع لصانع «سيارات الشعب» الألماني أن لا يتخلى عن المعالم التصميمية لسيارات فولكسفاكن الجديدة وزود الواجهة الأمامية بمصابيح أمامية ذات شكل حصري بسيارات فولكسفاكن وبخطوط تمكن أي كان من معرفة أن هذه السيارة تحمل جينات فولكسفاكن حتى ولو لم يكن شعار الشركة موجوداً في منتصف الواجهة الشبكية. أما في الخلف، فتوحي النظرة الأولى الى المصابيح الخلفية أن هناك تشابهاً بينها وبين مصابيح الجيل الأسبق من بي ام دبليو فئة 3 ولكن التمعن بخطوط هذه الواجهة يبعد هذا الإحساس وبالأخص في حال كانت باسات مطلية بلون قاتم.

ولإطلاق سيارتها هذه إقليمياً، إختارت فولكسفاكن الشرق الأوسط المملكة الأردنية الهاشمية كمسرح لتقديم باسات ومنح أهل الصحافة فرصة سريعة لقيادتها التي تمت على طرقات جبلية في المنطقة التي تربط العاصمة الأردنية، عمان بالبحر الميت ولكن عبر مدينة مأدبا. ولأن قسماً من هذه الطريق جبلي ومتعرج ويكاد يخلو من السيارات العابرة ويبعث الحماس في النفس، وجدت نفسي فجأة وأنا أقود باسات بطريقة إستعراضية داخلاً في المنعطفات على أنواعها إنزلاقاً، الأمر الذي أعاد الى ذاكرتي أيام الجيل الأول من فولكسفاكن غولف الذي كان من أوائل السيارات التي إقتنيتها. وعلى الرغم من أنني تمتعت بالإنزلاقات على مدى أكثر من نصف ساعة، إلا أنني قلت لنفسي أن باسات ليست في نهاية المطاف إلا سيارة سيدان عائلية رزينة ويتوجب التعامل معها على هذا الأساس ولذلك، بدأت بخفض سرعتي وقررت أن أتحول الى شخصية السائق صاحب العائلة وأن أختبر باسات من هذا المنطلق.

ولكن قبل الدخول بمجريات هذه التجربة، لا بد من التوقف عند مقصورة باسات التي قامت فولكسفاكن ببناءها مركزة على مبدأين أساسيين يشكلان ضرورة قصوى لأصحاب العائلات وهما الراحة والعملانية. ومن هنا، يبدو أن فولكسفاكن قررت وضع قسم لا يستهان به من ميزانية تطوير باسات في حقل مقصورة ركابها التي تقف على قاعدة عجلات بطول 208,3 سم إستغلتها فولكسفاكن بشكل ذكي دافعة المحرك وتوابعه الى أقصى الأمام ولتوفر بذلك مقصورة رحبة جداً لخمسة أشخاص، خصوصاً أن أبعاد باسات الخارجية تصل الى 486,8 و183,5 و148,7 سم لكل من طولها وعرضها وإرتفاعها على التوالي، مما يعني أن حجم هذه السيارة إزداد مقارنةً بالجيل الأسبق. وهنا قامت فولكسفاكن بتوزيع مكونات المقصورة بطريقة ذكية نتج عنها مساحات داخلية كبيرة وبالأخص في منطقة المقعد الخلفي حيث تتفوق باسات على كل منافساتها اليابانيات ومنها هوندا أكورد التي طالما تغنت بكونها صاحبة المساحات الداخلية الخلفية الأكبر. أما صندوق الأمتعة، فليس الأكبر حجماً في هذا القطاع من السيارات ولكنه يتمتع بحجم تحميل جيد يصل الى 450,2 ليتر.

في الأمام، حافظت باسات على الشعور بالترف الذي كان الجيل الأسبق يتحلى به وذلك من خلال تركيز فولكسفاكن على إستعمال مواد ذات جودة متقدمة وملمس ناعم وبالأخص في الأقسام العلوية من لوحة القيادة وبطانات الأبواب. وفي هذا الإطار، نشير أن باسات تتوفر بأربعة مستويات تجهيز يمكن الحصول مع مستويات القمة منها على تلبيسات خشبية أو معدنية. وعلى الرغم من أن تصميم لوحة القيادة يبقى في النهاية تقليدياً وبعيداً عن طابع العصرنة الذي يميز لوحات قيادة سيارات شأن هيونداي سوناتا وكيا أوبتيما، إلا أنه وكما قلنا سابقاً يركز على العملانية. فرؤية العدادات سهلة والتعامل مع معظم مكونات اللوحة سهل أيضاً، في وقت جرى وضع كل مفاتيح التشغيل في متناول اليد. ولزيادة مستويات الراحة والعملانية، جرى تزويد المقصورة بمقاعد تركز على توفير الراحة مع مستويات تثبيت معتدلة ومساحات زجاجية محيطية تتميز بحجمها الكبير نسبياً وهذا ما يساهم في تحسين مجالات الرؤية الأمامية والجانبية والخلفية ويرفع الشعور برحابة المقصورة.

من الناحية التقنية وعلى الرغم من توفر باسات خارج منطقة الشرق الأوسط بخيار بين ثلاثة محركات تبدأ بواحد من فئة الديزل بسعة 2 ليتر مع توربو وتنتهي بمحرك V6 سعة 3,6 ليتر بقوة 280 حصان، إلا أن فولكسفاكن الشرق الأوسط قررت حصر خيارات المستهلك العربي بمحرك الوسط الذي يعتمد تقنية الأسطوانات الخمس المتتالية بسعة 2,5 ليتر والذي كان معتمداً في السابق لإبنة العم أودي TT. ويمكن لهذا المحرك أن يولد قوة 170 حصاناً عند 5700 دورة في الدقيقة تترافق مع 240 نيوتن متر من عزم الدوران الذي يمكن إستخراج حدوده القصوى عند مستوى 4250 دورة في الدقيقة.

ولهذا المحرك الذي تنتقل قواه الى العجلتين الأماميتين الدافعتين، توفر فولكسفاكن علبة تروس أوتوماتيكية سداسية النسب تتميز بسلاسة عملها وسرعة نقلها المعتدلة للنسب وعملها المستمر على التبديل صعوداً في حالات القيادة العادية بهدف خفض دوران المحرك وبالتالي التوفير في إستهلاك الوقود الذي تعلن فولكسفاكن أن معدله العام يراوح في حدود 7,6 ليتر لكل 100 كلم.

وكما ذكرت آنفاً، رفعت الطرقات الملتوية حماسي وبدأت أقود بسرعات عالية جاعلاً السيارة تنزلق في المنعطفات من خلال إستعمال مكبح اليد ولألاحظ حينها أن تعليق باسات العامل من خلال نبض أحادي لا يتبدل، يقوم بإمتصاص تموجات الطريق بشكل جيد ويوفر مستويات تماسك جيدة يساهم فيها جهاز للتحكم بالتماسك وبنية تحتية بعيدة نسبياً عن تمايلات الهيكل. وهنا، ينقل المقود ما تتعرض له الإطارات الأمامية الى يدي السائق وهذا ما يرفع متعة القيادة، خصوصاً أن المقود دقيق ومتجاوب ولكنه يعاني من بعض العزم الموجه تحت تأثير التسارعات المفاجئة في المنعطفات وبالأخص عندما يكون دوران المحرك مراوحاً في حدود 4500 الى 5500 دورة في الدقيقة، مع العلم أن هذا أمر طبيعي في سيارات الدفع الأمامي ويمكن معالجته من خلال رفع القدم عن دواسة التسارع ومن ثم الضغط عليها بشكل تدريجي.

أما عند الإنتقال الى القيادة العادية، فلا يمكن للمرء إلا أن يلاحظ مدى فعالية التعليق في إمتصاص تموجات الطريق وإبعادها عن مقصورة الركاب مضيفاً بذلك مزيداً من الراحة. كذلك تتميز المقصورة بهدوءها أثناء القيادة. فضجيج الهواء متدني على سرعات تراوح في حدود 120 كلم/س ولكن ضجيج الإطارات على الطرقات الخشنة التعبيد مرتفع نسبياً، الأمر الذي أدى بنا الى الإعتقاد أن نوعية الإطارات المعتمدة (كونتيننتال) لم تكن مناسبة لهذا النوع من الطرقات. أما إندفاع السيارة وبالأخص على الطرقات المتجهة صعوداً، فهو جيد وتساهم فيه علبة التروس التي ما أن تنطلق السيارة حتى تبدأ بتبديل النسب بطريقة هادئة وسلسة مساهمة في إنسياب السيارة الناعم. ومن جهة أخرى، وعلى الرغم من قيادة باسات لمسافات طويلة على طرقات ملتوية تتجه نزولاً نحو البحر الميت، أبدت المكابح فعالية عمل متقدمة وتجاوباً مستمراً وبعيداً عن تدني قدرات الكبح الناتجة عن الإستعمال المتكرر للمكابح.

ومع وصول تجربتي لـ باسات الى نهايتها، كان لا بد لي من التساؤل عن ما إذا كنت كمستهلك سأفضل هذه السيارة على منافساتها ولأخلص الى نتيجة مفادها أنه على الرغم من ما تتمتع به السيارات اليابانية المنافسة من سمعة ممتازة، إلا أنها لا تتمتع بالجودة التي تتحلى بها السيارات الألمانية، كما أنها تتفوق على جميع منافساتها بمساحاتها الداخلية الكبيرة وهذا أمر سيقدره أصحاب العائلات التي وصل أولادها الى أواخر سن المراهقة. ومع السمعة الجيدة التي تتمتع بها سيارات فولكسفاكن وعروضات الصيانة والكفالات التي يوفرها وكلاء فولكسفاكن، مضافاً اليها سعر باسات الذي يبدأ بحوالي 94 ألف ريال سعودي، أعتقد أن هذه السيارة قد لا تتصدر مبيعات فئتها ولكنها من دون شك، ستتمكن من إقتناص قسم من مبيعات سيارات السيدان المتوسطة الحجم.

«قامت فولكسفاكن ببناء المقصورة مركزة على مبدأين أساسيين يشكلان ضرورة قصوى لأصحاب العائلات وهما الراحة والعملانية»

«على الرغم من التناسق الهندسي الذي تتمتع به باسات، إلا أن النظر الى تصميمها الجانبي يؤكد على إعتمادها على مبدأ البساطة التصميمية»

«جدت نفسي فجأة وأنا أقود باسات بطريقة إستعراضية داخلاً في المنعطفات إنزلاقاً، الأمر الذي أعاد الى ذاكرتي أيام الجيل الأول من فولكسفاكن غولف»

«إندفاعها جيد وتساهم فيه علبة التروس التي ما أن تنطلق السيارة حتى تبدأ بتبديل النسب بطريقة هادئة وسلسة مساهمة في إنسياب السيارة الناعم»

المواصفات

فولكسفاكن باسات

2,5 ليتر، 5 أسطوانات متتالية، دفع أمامي

170 حصان عند 5700 دورة في الدقيقة

240 نيوتن متر عند 4250 دورة في الدقيقة

من صفر الى 100 كلم/س: 8,7 ثانية

السرعة القصوى: غير متوفر، الوزن: 1500 كلغ

الإستهلاك: 7,6 ليتر لكل 100 كلم

الطول: 486,8 سم، العرض: 183,5 سم، الإرتفاع: 148,7 سم

السعر: إبتداءً من 94 ألف ريال سعودي