السيارات ذاتية القيادة تواجه إشكاليات في اتخاذ "قرارات أخلاقية"

  • بواسطة: الإمارات اليوم تاريخ النشر: السبت، 01 أغسطس 2015 آخر تحديث: الثلاثاء، 08 فبراير 2022
السيارات ذاتية القيادة تواجه إشكاليات في اتخاذ "قرارات أخلاقية"

ربّما يكون الفلاسفة والمفكرون من بين آخر الشخصيات التي يتوقع مشاركتها في تصميم السيارات، لكن الأمر يختلف مع تطوير السيارات ذاتية القيادة، فإلى جانب المسائل التقنية، تثار حولها الكثير من التساؤلات تتعلق بسبل اتخاذ قرارات أخلاقية، والموازنة في تحديد الأولويات عند حاجة نظام القيادة الآلية لاختيار سريع تطول آثاره حياة أشخاص عدة.

ولذلك ففي حين يختص الأستاذ في «جامعة ستانفورد» الأميركية ومدير مركز أبحاث السيارات، كريس جيرديس، بالبحث في العتاد المتطور وبرمجيات القيادة الآلية للسيارات، يهتم أستاذ الفلسفة في جامعة «كاليفورنيا بوليتكنك»، باتريك لين، بالمعضلات الأخلاقية التي قد تنشأ مع استخدام السيارات ذاتية القيادة في العالم الحقيقي.

وفي وقت سابق من العام الجاري نظم كل من جيرديس ولين ورشة عمل في «جامعة ستانفورد»، جمعت فلاسفة ومهندسين لمناقشة المسألة.

وخلال الورشة، جرى وضع إعدادات أخلاقية مختلفة للبرمجيات التي تتحكم في السيارات الآلية، واختبرت التعليمات البرمجية في أجهزة للمحاكاة وفي السيارات الحقيقية.

وحددت تلك الإعدادات مثلاً تقديم السيارة لأولوية تجنب الاصطدام بالبشر على الارتطام بالسيارات المتوقفة أو الانجراف نحو حيوانات كالسناجب.

وعلى الرغم من أن السيارات ذاتية القيادة بالكامل لاتزال في طور البحث، إلا أن تقنية القيادة الآلية يتزايد انتشارها في السيارات.

وخلال الأعوام القليلة المقبلة تخطط عدد من شركات صناعة السيارات لطرح طُرز يمكنها توجيه عجلة القيادة والتحكم في السرعة، واستخدام المكابح لإبطاء السرعة، أو إيقاف السيارة من تلقاء نفسها ولفترات طويلة.

وحالياً تتضمن بعض السيارات بالفعل أدوات استشعار بمقدورها التعرف إلى المشاة وراكبي الدراجات، وتحذير السائقين عند رصدها احتمال اصطدامهم بأحد المارة.

وحتى الآن كانت السيارات ذاتية القيادة طرفاً في عدد قليل من الحوادث، وقطعت السيارات التي تطورها «غوغل» نحو مليون ميل، وتورطت في قليل من حوادث الاصطدام بالخلف. وعادة ما تتعامل تلك السيارات مع المواقف الشائكة بالتوقف.

ومع ذلك، فإن تطور هذه التقنية وتمكن أنظمة القيادة الآلية في السيارات من تفسير مشاهد أكثر تعقيداً، يزيد من الحاجة إلى اتخاذ هذه الأنظمة قرارات سريعة في ثوانٍ معدودة أو أقل، الأمر الذي يثير العديد من الإشكاليات الأخلاقية. وخلال فعالية نظمت حديثاً في مجال صناعة السيارات، قدم جيرديس مثالاً لهذا التصور بعبور طفل فجأة للطريق، ما يحتم على السيارة ذاتية القيادة أو بالأحرى برمجياتها الاختيار بين الاصطدام بالطفل أو الجنوح تجاه شاحنة مقبلة.

وقال جيرديس: «كما نرى ذلك بالأعين البشرية، فإن قيمة إحدى هذه العقبات تفوق الأخرى»، متسائلاً «ما هي مسؤولية السيارة».

وأشار إلى أن الخيار المرجح من الناحية الأخلاقية قد يكمن في تعريض حياة ركاب السيارة ذاتية القيادة للخطر، وتساءل: «إذا كان من شأن ذلك تجنب الطفل وإنقاذ حياته، هل يمكننا أن نضر ركاب السيارة. هذه قرارات صعبة جداً يواجهها يومياً مصممو خوارزميات التحكم في السيارات ذاتية القيادة».

ودعا جيرديس الباحثين ومهندسي السيارات والمسؤولين في صناعة السيارات للتفكير في التأثيرات الأخلاقية الناتجة عن التقنية التي يُطورونها. ويتفق خبراء آخرون على وجود بعد أخلاقي مهم في تطوير تقنية القيادة الآلية.

وقال الباحث المتخصص في السيارات الآلية في «جامعة لا سابينزا» في العاصمة الإيطالية روما، أدريانو أليساندريني: «حين تطلب من سيارة اتخاذ قرار فلديك معضلة أخلاقية، ربما ترى شيئاً في طريقك، وتقرر تغيير المسار وأثناء فعلك ذلك يظهر شيء آخر في ذلك المسار، وبالتالي فهذه إشكالية أخلاقية».

ويقود أليساندريني مشروعاً باسم «سيتي موبيل 2» يختص باختبار سيارات النقل الآلية في مدن إيطالية عدة. وتعتمد هذه السيارات على فكرة أكثر بساطة مقارنةً بالسيارات التي تعمل على تطويرها «غوغل» وشركات صناعة السيارات.

وتتبع هذه السيارات طريقاً محدداً، وتتوقف إذا ما اعترض شيء طريقها. ويعتقد أليساندريني أن ذلك قد يجعل من إطلاق التقنية أكثر يسراً، إذ إن بساطتها أعفتها من المشكلة الأخلاقية.

ويعتقد آخرون أن الوضع أكثر تعقيداً من ذلك، ومثلاً قال الأستاذ المساعد في «جامعة ساوث كارولينا»، براينت ووكر - سميث، الذي يدرس التأثيرات القانونية والاجتماعية للسيارات ذاتية القيادة، إن هندسة السيارات تشهد اتخاذ الكثير من القرارات الأخلاقية بالفعل.

وأضاف ووكر - سميث أن «الأخلاق والفلسفة والقانون، جميع هذه الافتراضات تدعم الكثير من القرارات».

وأعطى مثالاً بالوسائد الهوائية، فمن الاعتبارات المتأصلة في هذه التقنية افتراض إنقاذها الكثير من الأشخاص، وتسببها في وفاة القليل. وتابع ووكر - سميث أنه بالنظر إلى عدد حوادث المرور المميتة التي تتضمن أخطاء بشرية في الوقت الراهن، قد يعتبر من غير الأخلاقي البطء الشديد في تقديم تقنية القيادة الذاتية. وقال: «أكبر الأسئلة الأخلاقية هو مدى سرعة تحركنا، لدينا تقنية من المحتمل أن تنقذ الكثير من الأشخاص، لكنها ستكون معيبة وستتسبب في الوفاة».

المصدر

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار عالم السيارات